مسيرة العَلَم السوري منذ الاستقلال الأول وحتى الآن

مازلت والكثير من أبناء وطني نجهل الكثير الكثير عن تاريخ سوريا القديم والحديث ، ولانعرف عن ذلك التاريخ المليء بالأحداث والمواقف إلا القليل القليل منه حتى الآن .


فمن منّا يعرف مثلاً، كيف كان شكل العَلَمُ السوري ولونه ، عندما أعلنت سوريا استقلالها عن السلطنة العثمانية في الثامن من نيسان عام 1920، وهل بقي على حاله أم تغير ..؟!

أقول هذا الكلام بمناسبة الاهتمام المتزايد الذي يلاقيه العَلَم السوري اليوم ، الذي نشاهده يرفرف عالياً على مدار اليوم والساعة ، نراه معلقاً على صدور الكثير من السوريين ، كما نراه يرفرف داخل البيوت وعلى الشرفات ، في الاجتماعات ، والمؤتمرات والندوات ، في وسائل الإعلام ، وفي الشوارع على أعمدة الكهرباء والهاتف واللوحات الإعلانية وفي الساحات والحدائق ، نراه أيضاً ملصقاً على زجاج المحلات والسيارات ..الخ. بعد أن كان منسياً حتى الأمس القريب ، حيث كانت الأعلام الحزبية هي الطاغية على مد النظر والبصر .

هذه الحفاوة المتزايدة بالعَلَم السوري ، دفعتني إلى مراجعة ما تيسر لي من المصادر التاريخية، وسؤال المهتمين لمعرفة المراحل التي مر بها العَلَم السوري والتغييرات التي طرأت عليه منذ الاستقلال الأول عن السلطنة العثمانية وحتى الآن ، فوجدت أن العَلَم السوري قد مر في مراحل متعددة تغير فيها من حيث الشكل مع المحافظة على ألوانه منذ أول عَلَمْ وحتى العَلَم الحالي :

عَلَمُ الثورة العربية الكبرى :

أتخذ شكل مستطيل ، بدأ من الأعلى باللون الأسود فالأخضر وانتهى في الأسفل باللون الأبيض ومثلث أحمر من جهة اليسار ، وقد رفع هذا العَلَمْ في سماء دمشق عقب تحريرها من الاحتلال العثماني عام 1918. وبقي مرفوعاً حتى إعلان الاستقلال الكامل عن السلطنة العثمانية

عَلَمُ الاستقلال:

حافظ على شكله السابق مع إضافة نجمة ثمانية باللون الأبيض توضعت على المثلث الأحمر . ورفع هذا العَلَمْ في سماء دمشق بعد إعلان استقلال سوريا نهائياً عن السلطنة العثمانية بتاريخ 8/4/1920 وبقي مرفوعاً حتى احتلت فرنسا سوريا في تموز 1920

عَلَمُ الاحتلال الفرنسي الأول :

جاء على شكل مستطيل باللون الأزرق يتوسطه بدر باللون الأبيض ، وثبت العَلَمُ الفرنسي في الزاوية اليسارية العليا للعَلَمْ. وقد فرضته سلطات الاحتلال، حتى قيام الثورة السورية الكبرى .

عَلَمُ الاحتلال الفرنسي الثاني :

يتكون من خطين باللون الأخضر يتوسطهما خط باللون الأبيض مع بقاء العَلَمُ الفرنسي في الزاوية العليا اليسارية للعَلَمْ. وفرض هذا التعديل إندلاع الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش . وبقى حتى العام 1936

عَلَمُ الحكومة السورية:

يبدأ من الأعلى باللون الأخضر ثم الأبيض الذي تتوسطه ثلاث نجمات باللون الأحمر وينتهي باللون الأسود في الأسفل . وقد اعتمدته الحكومة السورية في عهد الاحتلال الفرنسي عقب التوقيع على اتفاقية عام 1936 .وبقى مرفوعاً حتى العام 1958

عَلَمُ الجمهورية العربية المتحدة :

يبدأ باللون الأحمر من الأعلى ثم الأبيض الذي تتوسطه نجمتان باللون الأخضر ، ثم ينتهي باللون الأسود. وقد رفع هذا العَلَمْ في سماء دمشق والقاهرة في أعقاب الإعلان عن الوحدة بين سورية ومصر عام 1958 . والذي بقي مرفوعاً حتى العام1961

عَلَمُ الانفصال:

في عام 1961 وعقب انفصال سورية عن مصر تم إلغاء العمل بالعَلَمُ السابق، والعودة إلى رفع العَلَم الذي كان معتمداً عام 1936 . واستمر العمل به حتى العام 1963

عَلَمُ حزب البعث:

يبدأ باللون الأحمر من الأعلى فالأبيض تتوسطه ثلاث نجمات باللون الأحمر وينتهي في الأسفل باللون الأسود، وقد بدأ العمل به في أعقاب استلام حزب البعث السلطة عام 1963. واستمر لعام 1971

عَلَمُ اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة:

الذي يبدأ باللون الأحمر من الأعلى فالأبيض الذي يتوسطه نسر باللون الذهبي ، وينتهي في الأسفل باللون الأسود ، وقد تم العمل بهذا العلم عام 1971 إثر الإعلان عن قيام الاتحاد الثلاثي بين مصر وسوريا وليبيا. واستمر مرفوعاً حتى العام 1982

العَلَمُ السوري الحالي :

اعتمد عام 1982 في أعقاب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ، وهو نفس علم الجمهورية العربية المتحدة الذي كان معتمداً من عام 1958 وحتى عام 1963. والذي مازال مرفوعاً حتى الآن.

وهكذا نجد أن العَلَمُ السوري ومنذ أن استقلت سورية عن الدولة العثمانية مروراً بالاحتلال الفرنسي وحتى الآن ، قد جرى تغييره خلال تلك الفترة الزمنية عشر مرات ، وإن كثير من السوريين لايعرفون ذلك ، أو لم يكن متاحاً لهم معرفة ذلك . وقد آثرت تسليط الضؤ على هذا العَلَمْ والمراحل التي مر بها والتغييرات التي طرأت عليه ، كي يكون متاحاً من جديد للجميع ، خاصة جيل الشباب الاطلاع على تاريخ هذا العَلَم الذي بقى منسياً وبعيداً عن الاهتمام الشعبي والرسمي تحت ضغط الأعلام الحزبية وما رافقها من صور " لزعماء " احتلت الكادر بالكامل .

فهل يكون العَلَمُ السوري جامعاً وموحداً للسوريين بكل تلاوينهم السياسية والدينية والعرقية ، والحفاوة به منطلقاً لبناء وطن العزة والكرامة والحرية والعيش الكريم.؟!.